هيبة الغلبان

2


أقصوصة درامية — تأليف: فاروق الغمراوي
(مستوحاة من مقولة لدوستويفسكي)



 ‏"الفقر يفقد الإنسان هيبته واحترامه، الفقر يجعل الحياة لا تُطاق"

ــــ دوستويفسكي




كان اسمه عبد اللطيف، بس محدش بيناديه كده.

الناس في الحارة كلها بتناديه "يا عم لطيف"، وكأنهم بيفكروا نفسهم إنهم لسه محترمينه... رغم إنهم ما بقاش فيهم حد شايفه أصلًا.


كان زمان راجل ليه كلمة، له كرامة، وله ضحكة تشيل همّ الدنيا.

لكن الفقر لما دخل بيته، ما خبطش على الباب... كسره ودخل.

بدأ ياخد حاجات صغيرة: بدلة العيد، ساعة الإيد، الكرامة اللي بين الناس.

لحد ما خد منه نظرته المستقيمة، اللي كانت بتقول "أنا راجل".


بقى يمشي مطاطي الظهر، يخاف يطلب، يخاف يتكلم، يخاف حتى يزعل.

ابنه سابه، مراته ماتت من القهر، والبيت اتقفل عليه زي قبر مفتوح.


وفي ليلة مطر، وقف عبد اللطيف قدام المراية المكسورة، بص في وشه وسأل:


> "هو أنا لسه بني آدم؟ ولا بقيت ظلّي اللي كان؟"




ضحك ضحكة نشاز، وخرج الشارع يتمشى وسط المطر.

الناس كانت بتجري من البلل، وهو الوحيد اللي واقف سايب المطر يغسل فقره.


وقف عند محل كان بيشتغل فيه زمان، بص من الإزاز، وشاف الشاب الجديد في مكانه، لابس هدوم نظيفة ووشه مليان حياة.

حط إيده على الزجاج وقال بصوت واطي:


> "خدها يا ابني... خدها، الهيبة دي كانت بتوجعني."




وساب المكان، ما رجعش بعدها.

الصبح لقوه نايم على الرصيف، مبتسم، وإيده ماسكة ورقة صغيرة مكتوب فيها:


> "الفقر مش بس بيكسر الجيب... بيكسر الروح كمان."



إرسال تعليق

2 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !