لما الباب خبط

1
أقصوصة درامية — تأليف: فاروق الغمراوي
(مستوحاة من مقولة لدوستويفسكي)



"سلبوا طمأنينة قلبه، كل شيء أصبح يرعبه، حتى طرق الباب".
دوستويفسكي


الليل كان غريب... ولا صوت غير نَفَس بيطلع بصعوبة من صدر "سليم". الغرفة ضلمة، بس الضلمة ليها عيون... بتبُص عليه، تراقب أنفاسه، وتضحك عليه بهمس. قلبه بيدق كأنه بيحاول يهرب من جوّاه، وكل دقّة كانت وجع... وجع عايش فيه من غير ما يعرف له سبب. من يوم ما خدوا منه "طمأنينته"، وهو مش عايش… بياكل؟ يمكن. بينام؟ بالعافية. بس بيحس بالأمان؟ لأ… خلاص راحت. كان دايمًا يقول لنفسه: > "اللي يخاف من النور، عمره ما يطمن ف العتمة." وهو بقى بيخاف من النور والعتمة سوا. الليل ماشي على أطراف رجليه... والهدوء تقيل كأنه غطا بيتخنق تحته. سليم قام، راح ناحية الباب، قرب بإيده… وقف. حسّ بحاجة غلط، كأن حدّ واقف وراه، بيتنفّس معاه نفس النفس. رجع خطوه لورا، وقال في سره: "مفيش حد… مفيش حد." وفجأه… دق... دق... اتصلّب مكانه. صوت خفيف… بس خبط في روحه. الباب! اتنفض، وعينه اتفتحت على وسعها كأنه صحى من كابوس… أو داخل ف كابوس جديد. مين؟ مين يعرف مكانه بعد ما دفن نفسه ف الهوا؟ مدّ وشه ناحية الباب، صوته كان بيرتعش لما قال: – "مين؟" ولا رد. بس الصوت جه تاني… دق... مرّة واحدة، هادية، لكن قريبة قوي. كأنها مش طَرق… كأنها نَبضة. العرق نزل من جبينه، ودماغه بتلف، وعيونه رايحه جايه بين الباب والظل اللي وراه. كل اللي حواليه بقى ملوّش ملامح… حتى صوته بقى غريب عليه. قال بصوت مبحوح: – "أنا تعبت… كفاية خوف بقى." لكن مفيش رد. بس قلبه… هو اللي ردّ. دقّة… اتنين… وبعدين سكت. راح يقرب من الباب، فتحه بالعافية، ومفيش حد. ولا نفس. ولا حتى ريحة حد كان هنا. بس فيه إحساس… إن في حاجة خرجت. خرجت من جوّاه وسابته فاضي… ومطفي. قعد على الأرض، ضهره للباب، وإيده ع صدره، وقال آخر كلمه بصوت مكسور: – "حتى الباب... بقى يخوّفني." وبعدها… الباب خبط تاني. بس المره دي… محدش قام يفتحه. ---







التصنيفات:

إرسال تعليق

1 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق

#buttons=( أقبل ! ) #days=(20)

يستخدم موقعنا ملفات تعريف الارتباط لتعزيز تجربتك. لمعرفة المزيد
Accept !