"حين يصبح الوجود حاضرًا… والمعنى غائبًا."
![]() |
ميتٌ حيّ… في برزخ الغياب بقلم: فاروق الغمراوي |
أمشي بين الناس كما لو كنت واحدًا منهم، أضحك حين يضحكون، وأتحدث بما تقتضيه اللحظة، غير أنّ شيئًا في داخلي يظلّ ساكنًا، كأنني حجرٌ وُضع في غير مكانه. جسدي حاضر في المشهد، لكن روحي تقف بعيدًا، تراقب بصمتٍ لا يُرى.
كل ما حولي ينبض بالحياة: ضجيج الشوارع، حكايات الأصدقاء، ألوان النهار… ومع ذلك لا يصلني دفء تلك الصور. أمارس الحياة، نعم، لكنني لا أتذوّقها. أبتلع الأيام كما يُبتلع الماء بلا طَعم، وأستيقظ كل صباح لأُكرّر دورًا محفوظًا، لكن داخلي يتآكل بصمت.
لا أفتقد شيئًا واضحًا؛ لديّ ما يكفي للبقاء. لكن هناك فراغًا عميقًا يتسع داخلي، فجوة لا أملك لها اسمًا. أحاول أن أفسّرها، فلا أجد، وأحاول أن أُمسك بها، فتنفلت مني كما يتبدّد الدخان في الهواء.
أشعر أنني مسافر يسير وسط قافلة صاخبة، يردّ التحية ويبادل الابتسامات، لكنه لا يعرف إلى أين يمضي. الطريق أمامه مفتوح، غير أنّ قلبه يتيه في العتمة. كل خطوة يخطوها تزيده ثِقلاً، كأنّه يجرّ وراءه غيابًا لا يُرى.
وفي صمت الليل، حين تهدأ الأصوات وينطفئ كل شيء، أواجه حقيقتي: إنني ميتٌ حيّ. أتنفّس ولا أحيا، أضحك ولا أشعر، أتحرّك ولا أصل. لا الموت يكتمل فيّ فيريحني، ولا الحياة تكتمل بي فتحتويني.
أنا الحيرة ذاتها… بلا اسم، بلا معنى، بلا اكتمال.
#أدب #كتابة #أقصوصة #تأملات #أدب_عربي #لغة_عربية #نصوص #دراما # Blogger Writers #خواطر
تحفه
ردحذفالاحلي هو مرورك
حذفجميل جدا ربنا يوفقك
ردحذفالاجمل مرور حضرتك تحياتي
حذف