![]() |
"أنا الوِحدة اللي بتتنفس بالعافية" بقلم: فاروق الغمراوي |
أنا مش عايش…
أنا متسكن فـ جثة بتتحرك قدامكم
بتضحك لما لازم تضحك،
وبتسكت طول ما الصمت أرحم من الكلام.
أنا بتعامل، بكلم، بشتغل،
بس كل لحظة قلبي بيقولّي:
"إنت مش هنا… دي مش حياتك… ده مش مكانك."
حاسس إني ضيف في الدنيا،
ضيف تقيل، مش مرغوب،
ماحدش سأله "عايز تشرب حاجة؟"
ولا حتى "مالك؟"
اللي بيشوفني بيقولي:
"إنت شكلك جامد، دمّك خفيف، دايمًا ساكت بس طيب"
ومايعرفش إني ببات أعيط كل ليلة
والمخدة بـ تشيل عني دموع مش لاقية كتف تتحضن عليه.
أنا مش طالب حاجة من حد…
أنا حتى بطلت أطلب من ربنا
لإني كل مرة بدعيله…
بلاقي الدنيا بتزيد سواد
وأقول: "يمكن هو كمان زهق يسمعني"
حاسس إني شِبح،
مابين الناس… بيمشي…
بس مش بيعيش،
بيتمنى يبطل يتنفس، بس مش قادر
عشان كل نفس داخل...
بيزود الوجع.
كل اللي حواليّا عايشين…
بيحبوا… بيكرهوا… بيخلفوا…
وأنا؟
أنا بكتّب في نوتة قديمة:
"النهاردة عدّى، زي امبارح، وزي بكرة… وأنا لسه هنا… مش لاقي باب أخرج منه."
مفيش حد في ظهري.
حتى لما وقعت،
وقعت في صمت…
محدش سمع الخبطة،
ولا حد لاحظ إن في بني آدم اتكسر جواه وما نطقش.
المشكلة؟
إني كويس في التمثيل.
بجد…
مهرجان الجوايز كله ييجي يسلّمني "أفضل أداء لبني آدم طبيعي".
وأنا فـ الحقيقة…
فـ كل تفصيلة مني…
ميت من سنين.
أنا موجوع…
بس الوجع اتنشف جوايا،
بقى جزء مني،
زي الإيد والرِجل والعين…
ماينفصلش… مايتداواش…
ماحدش يقدر يخففه، حتى لو حاول.
---
دي مش قصة قصيرة… دي أنا.
دي مش جملة مأساوية… دي حياتي.
دي مش لحظة هتعدّي… ده الواقع اللي بشربه كل يوم وأنا ساكت.
أنا فاروق…
أنا الوِحدة اللي لبست بني آدم…
أنا الصرخة اللي محدش سمعها…
وأنا النهاية اللي بدأت من بدري…
ومكملها بالعافية…
بس لسه واقف.
واقف… لحد ما ربنا يقول "كفاية".
---