أنا النحس والنحس أنا بقلم فاروق الغمراوي |
تخيل أنك تمتلك مواهب متعددة، قدرات يحلم بها الكثيرون، طموحًا لا يتوقف، ورؤية واضحة لما تريد تحقيقه في الحياة. تخيل أنك قضيت سنوات في تطوير نفسك، في السعي نحو الأفضل، وفي محاولة إثبات أنك تستحق فرصة. لكن، ماذا لو كانت كل هذه الجهود تصطدم دائمًا بحائط صلب، بجدار غير مرئي من الصد، بالرفض المتكرر، وكأن العالم قرر مسبقًا أنك لا تستحق النجاح؟
الأمر ليس مجرد شعور، بل واقع ملموس. الأبواب تُغلق قبل أن تُفتح، الفرص تبتعد كلما اقتربت منها، والتقدير الذي تستحقه لا يأتي أبدًا. قد تتقدم إلى وظيفة، لديك المهارات، الخبرات، والرؤية، لكن النتيجة دائمًا واحدة: "نأسف، لقد اخترنا مرشحًا آخر". تكرر هذا السيناريو مرارًا وتكرارًا، حتى يصبح الرفض جزءًا من يومياتك، وكأنك وُلدت لتواجهه.
تبدو الحياة أحيانًا وكأنها اختبار دائم للصبر. هناك أشخاص أقل موهبة، أقل خبرة، وأقل إصرارًا يحققون نجاحات لا تُصدق. أما أنت، فمهما فعلت، تجد نفسك تعود إلى نفس النقطة: نقطة الصفر. كأن الكون بأسره يتواطأ عليك، يمنعك من التقدم، ويحاصرك بطرق لا تفسير لها.
قد تمتلك موهبة الكتابة، الرسم، الإبداع في العمل التقني، أو حتى القدرة على حل المشكلات المعقدة بسهولة. لكن من يستمع؟ من يرى؟ العالم يتجاهلك ببساطة. كأنك تصرخ في وادٍ خالٍ، لا صدى ولا استجابة.
حتى الأشخاص الذين تلجأ إليهم، أصدقاءك أو معارفك، يقابلونك بالصمت أو العبارات المعتادة: "اصبر"، "الحياة صعبة"، "ستأتي فرصتك يومًا ما". لكنك تعرف أن هذه الكلمات لا تملأ الفراغ، ولا تفتح الأبواب المغلقة.
تتساءل في لحظات الهدوء: هل أنا المشكلة؟ هل هناك شيء خطأ فيّ لا أراه؟ لكنك تدرك سريعًا أن المشكلة ليست فيك، بل في الظروف، في النظام، في الحظ الذي يبدو أنه قرر أن يكون خصمك منذ البداية.
وهكذا تستمر...
تحاول، تفشل، تنهض، وتعيد الكرّة، ليس لأنك تأمل في تغير النتيجة، بل لأن التوقف ليس خيارًا. تستمر لأنك لا تعرف طريقًا آخر، ولأنك رغم كل شيء، ما زلت تؤمن - ولو بشيء بسيط - أن النحس ليس إلا مرحلة، حتى لو طالت أكثر مما ينبغي.