زحمة كاميرات وهدوء إحساس
قراءة نقدية في رؤية المخرج مازن المتجول
✍️ بقلم: فاروق الغمراوي
بصراحه... أول ما قعدت أتفرّج على احتفالية افتتاح المتحف المصري الكبير، كنت مستني أشوف حالة. حالة مصرية خالصة كده، فيها روح، فيها إحساس بالانتماء، فيها “إحنا”.
لكن اللي شُفته كان عرض ضخم جدًا... ومليان تصوير، وإخراج، وإضاءة، وحركة... بس من غير روح.
المخرج مازن المتجول — واللي صرّح في حوارات صحفية (جريدة اليوم السابع، 4 نوفمبر 2025) إنه استخدم في العرض آلاف الدرونز وصوّر لقطات في سبع دول مختلفة — قدم عمل ضخم فعلًا ومتعوب عليه للنهاية.
بس التعب لما يزيد عن الحد، بيخنق الإحساس بدل ما يغذّيه.
اللقطات كتير، والزوايا بتتبدل بسرعة، والإضاءة عاملة دوشة بصرية، والمزيكا فوق الصوت، لدرجة إن المشاهد بعد شوية يبتدي يحس إنه “تايه” في عرض كبير مش قادر يعيش جواه.
تحس إن الكاميرات كلها شغّالة في سباق، وكل لقطة عايزة تثبت إنها الأجمل، لكن مفيش لقطة بتسيبك تتنفس.
المشهد الحلو محتاج لحظة سكون، محتاج عين ترتاح عشان تحس.
إنما هنا... كله بيجري، كله عايز يبهر.
كمان التنقّل بين الأماكن — جوه المتحف، برّه، فوق جبل، في بلد تانية، لقطة من باريس، لقطة من الصحرا — خلّى الإحساس المحلي يضيع وسط “السياحة البصرية”.
هو أنا بتفرج على احتفال مصري، ولا على فيلم عالمي؟
فين الروح المصرية اللي المفروض تكون قلب العرض؟
أما عن الإضاءة... فبقت بطلة المشهد.
كشافات من كل ناحية، ألوان كتير، شغل ضوئي تقيل.
بس الإضاءة مش دايمًا بهار، أوقات كتير بتبقى إرشاد.
ولما النور يزيد عن اللزوم، الصورة نفسها تفقد معناها.
والمزيكا؟
هو لازم الصوت العالي يبقى علامة نجاح؟
المشاعر محتاجة مساحة هدوء، والنَفَس الموسيقي هو اللي بيصنع التأثر، مش الضجيج.
وللعلم، فيه موجة نقد ظهرت على مواقع التواصل ومقالات فنية (منها العربي الجديد ورديت) بتقول إن الطابع الموسيقي في الاحتفالية كان رسمي أكتر من اللازم، وبعض الناس وصفوه بـ«الجنائزي» — وأنا شايف إن الوصف ده ما جاش من فراغ.
المشكلة الأكبر إن القصة نفسها ماوصلتش.
هو العرض بيحكي تاريخ؟ ولا بيستعرض التكنولوجيا؟
كل فقرة شكل، وكل مشهد بيبدأ قبل ما التاني ينتهي.
اللي خلّى المشاهد مايعرفش هو بيتفرج على إيه، ولا المفروض يحس بإيه.
أنا كمخرج ومتفرّج في نفس الوقت، كنت محتاج لحظة واحدة بس أعيش فيها مع لقطة صافية، مع حضارة بتتنفس، أو مشهد بسيط فيه معنى كبير.
لكن للأسف... الزحمة كانت بطلة العرض.
---
🎭 نصيحتي لمازن المتجول وكل المبدعين اللي وراه:
خفّف الزحمة وسيب الصورة تقول.
العظمة مش في عدد الكاميرات... العظمة في إحساس اللقطة.
مصر مش محتاجة بهرجة، مصر محتاجة صدق.
خَلّي المشاهد يعيش، مش يتفرّج.
---
في النهاية، كل التقدير للمجهود والنية الطيبة اللي ورا العمل ده،
بس الفن الحقيقي مش في الضخامة ولا في الفلاشات،
الفن في اللمسة اللي تخلّي المشاهد يحس إنه عايش معاهم ❤️
✍️ فاروق الغمراوي
(مخرج – كاتب – شاعر)
---
🗞️ المراجع الصحفية
1. اليوم السابع – مازن المتجول: تصريحات عن تصوير الاحتفالية في سبع دول واستخدام آلاف الدرونز، نُشرت في 4 نوفمبر 2025.
2. رويترز (Reuters): تقرير بعنوان "Grand Egyptian Museum Opens in Spectacular Ceremony"، 1 نوفمبر 2025 — وصف الحدث بأنه عرض ضوئي وموسيقي عالمي بحضور زعماء.
3. أسوشييتد برس (AP): تقرير عن افتتاح المتحف للجمهور في الأسبوع نفسه، وأثره على السياحة المصرية.
4. العربي الجديد: مقالات نقدية وجماهيرية عن غياب الروح المصرية والطابع “الجنائزي” في الموسيقى المصاحبة للحفل.
5. منتدى Reddit ومواقع التواصل: مشاركات وردود فعل مباشرة من الجمهور وصناع موسيقى مصريين حول الطابع البصري والصوتي للحفل.
#زحمة_كاميرات_وهدوء_إحساس
#فاروق_الغمراوي
#المتحف_المصري_الكبير
#نقد_فني
#مازن_المتجول
#فن_بلا_روح
#الإخراج_المصري
#كاميرا_ومعنى
#روح_مصر
#EgyptianArt
#GrandEgyptianMuseum

