"الدولار والجنيه: خناقة على قهوة!"

0

 

"الدولار والجنيه: خناقة على قهوة!"




في زاوية مهجورة من العالم، حيث تتجمع العملات بعد يوم طويل من التداول، يقع مقهى صغير يحمل اسم "قهوة الاقتصاد". هناك جلس الدولار، بثيابه اللامعة وحضوره الطاغي، يحتسي قهوته السوداء وكأنه ملك يجلس على عرشه. أما الجنيه المصري، فكان يجلس على طاولة خشبية قديمة، يحتسي شاي الكشري بنكهة النعناع، ويبدو عليه التعب بعد يوم شاق.


ابتسم الدولار ابتسامة واسعة وهو ينظر للجنيه قائلاً بصوت مليء بالثقة:

"ألا تشعر بالتعب يا صديقي؟ سمعت أن أيامك في السوق شاقة، وأرقامك تهتز كالأرجوحة!"


رفع الجنيه رأسه، ابتسم رغم التعب وقال:

"التعب جزء من الشغلانة، يا سيد دولار. نحن نعيش حياة الشعب، نشاركهم أفراحهم وأحزانهم. أما أنت، فمجرد زائر ثقيل يحضر حين تزيد الأسعار!"


قهقه الدولار بصوت عالٍ، وضرب الطاولة بيده الذهبية قائلاً:

"يا للجنيه، يا للدراما! لكن أليس من اللطيف أن أكون العملة التي تحلم بها كل الجيوب؟ كل مرة تدخل فيها السوق، تجدني كالملك بين العملات!"


تثاءب الجنيه وهو يمسك كوب الشاي قائلاً:

"أوه، بالتأكيد. أنت ملك كل شيء... إلا القلوب. أنا رغم ضعفي وتعب ظهري، أعيش في جيوب الناس البسطاء. أنا رمزهم، قوت يومهم، وحلمهم الصغير بشراء 'عيش وجبنة' دون أن يشعروا بالذنب!"


أحمر الدولار غضباً ورد بنبرة ساخرة:

"حسناً، ربما تكون رمزاً، لكنك متعب، ومصاب بالدوار أمام أرقام التضخم. أما أنا، فأظل ثابتاً، بل وأرتفع كالصقر!"


ابتسم الجنيه بذكاء وقال:

"الصقر الذي يحلق عالياً، لا يعرف كيف يعيش بين الناس. أنا أعرف ماذا يعني أن أشتري الخبز، وأدفع فواتير الماء والكهرباء. أما أنت، فلا تأتي إلا لشراء السيارات الفارهة أو الرحلات السياحية!"


ساد الصمت للحظة، ثم ابتسم الدولار بإحراج، وكأنه تذكر كم هو بعيد عن حياة الناس العادية. بينما قرر الجنيه أن ينهي النقاش بكلمة واحدة:

"يا سيد دولار، تذكر دائماً... القوة الحقيقية ليست في اللمعان، بل في البقاء قريباً من الناس. وأنا، رغم كل شيء، ما زلت هنا."


انفجر المقهى بضحك العملات الأخرى التي كانت تستمع للجدال بصمت، ومنذ ذلك اليوم، أصبح الدولار والجنيه صديقين، رغم تناقضهما الكبير، لأنهما أدركا أن كل منهما له مكانه في هذا العالم المتقلب.



التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)