وجدي العربي .. طفل السينما المقهور الذي لازمته الأدوار الصعبة منذ ظهوره





يوافق الثامن والعشرين من يناير يوم مولد الفنان وجدان عبدالبديع العربي، الشهير بوجدي العربي والمولود في القاهرة عام 1950، والمنحدر من أسرة فنية، فوالده هو الفنان عبدالبديع العربي المنتمي لأسرة ريفية من محافظة كفر الشيخ، ولعلنا نتذكره في دور الحاج عبدالتواب تاجر العطارة في فيلم العار مع الفنان نور الشريف، وأخيه الأكبر هو الممثل المعتزل محمد العربي زوج الفنانة المعتزلة هناء ثروت، الذي شارك في عدد من الأدوار الفنية نذكر منها دوره في أفلام دقة زار وحمام الملاطيلي ومسلسلات أبو العلا 90، وأخته المذيعة المعتزلة كاميليا العربي زوجة المخرج والممثل الراحل فتحي عبدالستار ،وله شقيقة أخرى تدعى ألفت العربي.

حصل وجدي على بكالوريوس المعهد العالي للفنون المسرحية قسم تمثيل وإخراج دفعة عام 1975، بدأ التمثيل منذ نعومة أظفاره وتميز بشدة وهو في السابعة من عمره، مع ظهوره في أولى أدواره السينمائية،عمل في مسرح الطليعة التابع لوزارة الثقافة المصرية بدرجة فنان قدير، وقدم العديد من المسرحيات والأفلام السينمائية والمسلسلات التلفزيونية، واتجه لتقديم البرامج الدينية ولم يعلن اعتزال التمثيل.

اتسمت أدواره بالطفل المقهور أو المعذب الذي يعيش حياة غير مستقرة، في العديد منها، ونستعرض في السطور القادمة بعضا من تلك الأدوار التي تميز فيها وجدي من طفولته حتى شبابه، رغم صعوبتها.

1_ فيلم نهر الحب

في عام 1960 كان ظهور وجدي العربي مع الفنان زكي رستم والفنانة فاتن حمامة والمخرج عز الدين ذو الفقار في فيلم نهر الحب، المأخوذ عن الرواية الروسية الشهيرة (آنا كارنينا) لليو تولستوي، كتب السيناريو والحوار يوسف عيسى مع عز الدين ذو الفقار، وشارك في بطولة الفيلم كل من عمر الشريف وعمر الحريري وزهرة العلا وفؤاد المهندس وأمينة رزق وثريا فخري وأحمد فرحات وفيكتوريا حبيقة وعبدالعظيم كامل وغيرهم.

يحكي الفيلم عن السيدة نوال المتزوجة من طاهر باشا الرجل السياسي الثري قاسي القلب ولها منه ابنها هاني (وجدي العربي)، تبدأ الأحداث عندما تسافر نوال ذات ليلة لزيارة أخيها ممدوح المحامي الذي يعمل عند طاهر باشا، وزوجته صفية وأبنائه، ولم تكن تعرف الباشا وعاملته بلامبالاة فاعجب بها وصمم على الزواج منها رغم فارق العمر الكبير بينهما، وقام بتهديد ممدوح بالسجن لأنه يعرف عن اختلاساته من المكتب، فتوافق نوال على الزيجة إنقاذا لأخيها، وتنجب منه ابنها هاني، ويترك ممدوح العمل ويسافر للعمل بمكان أخر ويقع في مشكلة مع زوجته، ما يضطر نوال للسفر لحل تلك المشكلة، وفي القطار تلتقي الضابط خالد وصديقه الرسام وصفي، وتكتشف لاحقا أنه صديق لأخيها وتقع في حبه، بعد لقاءات عديدة بينهما عن طريق الصدفة، يعلم الباشا بالأمر ولكنه لم يكن يعنيه سوى سمعته وتأثير ذلك على الانتخابات التي يخوضها، وتتشجع نوال وتطلب الطلاق لكنه يرفض ويهدد برفع دعوى زنا ضدها، ولكن تدخل ممدوح وهدد بفضحه، فرضخ وطالبهم بمهلة حتى انتهاء اﻻنتخابات، وارسل طاهر من التقط صور لنوال وخالد وهددها بتلك الصور وطردها وحرمها من ابنها، عاش هاني اﻻبن في قهر منذ ولادته بسبب قسوة والده وبعد ذلك اكتملت حياة هاني مأساوية عندما خدعه طاهر بأن أمه نوال قد ماتت وظهر ذلك جليا في الحوار الشهير بين طاهر وهاني عندما قال له (تعالى معايا يا هاني .. نزور قبر ماما ).

2_ فيلم لن اعترف

في عام 1961 أخرج كمال الشيخ فيلم لن اعترف مع الفنانة فاتن حمامة والفنان أحمد مظهر، وشارك فيه الطفل وجدي العربي، الفيلم الذي كتب قصته استيفان روستي وزكي صالح، وكتب له السيناريو والحوار علي الزرقاني وصبري عزت، وانتجه جمال الليثي، وشارك في بطولته أحمد رمزي وصلاح منصور وشريفة ماهر وسيد عبدالله ونظيم شعراوي.

تدور قصته عن المهندس أحمد الذي يُتهم ظلما بقتله صراف الشركة، ويبتزه العامل دياب قرني، وتظن أمال زوجة أحمد بأنه ارتكب الجريمة لأنه كان يمر بضائقة مالية، فتطلب من أخيها فتحي محاولة التفاهم مع دياب، ويتشابك فتحي مع دياب ويقتله وتظن أمال أن أحمد هو قاتل دياب، ولكن تتكشف الأمور وتصدم أمال عندما تعلم القاتل الحقيقي، أدى وجدي دور الطفل سمير ابن أمال وأحمد والذي انقلبت أحوال عائلته فجأة بعد اﻻتهامات الموجهة لأبيه بقتل صراف الشركة ثم القبض على أمه في تهمة قتل دياب قرني، والتي فضلت السكوت بدلا من اﻻعتراف على زوجها التي كانت تظن أته القاتل ليتضح في النهاية أن قاتل الصراف ودياب هو اخيها فتحي.

3_ فيلم بين القصرين

ظهر وجدي العربي في الشخصية الشهيرة كمال ابن السيد أحمد عبدالجواد وذلك في فيلم بين القصرين عام 1962، استنادا لثلاثية الأديب العالمي نجيب محفوظ، أخرج الفيلم حسن الإمام وكتب له السيناريو والحوار: يوسف جوهر، وأنتجه جبرائيل تلحمي، ووضع له الموسيقى التصويرية علي إسماعيل، وصمم ملابسه وديكوراته شادي عبدالسلام.

شارك في بطولته يحيي شاهين وعبدالمنعم إبراهيم وزيزي البدراوي ومها صبري وصلاح قابيل وأمال زايد وسهير الباروني وهالة فاخر وميمي شكيب،

تحدث الفيلم عن السيد أحمد عبدالجواد صاحب وكالة عطارة بالجمالية،ويقيم بحى بين القصرين مع زوجته المطيعة أمينة، وأولاده الذي يعاملهم بقسوة، وهم فهمي الطالب بكلية الحقوق وخديجة وعائشة، وياسين ابنه من زوجته الأولى، وابنه الأضغر كمال، حيث تدور الأحداث خلال فترة الاحتلال الإنجليزي، وقبيل اندلاع ثورة 1919، ويبدو التناقض جليا في سلوك أحمد عبدالجواد الذي يتعامل بصرامة شديدة مع أفراد عائلته، بينما يعيش ليلًا حياة من اللهو والانحلال خارج المنزل، تبدأ معاناة كمال الكبرى بعد خروج والدته أمينة لزيارة ضريح الحسين في غياب والده، وعند حضوره يقرر طردها لبيت أمها لأنها خرجت دون أذنه، ويحاول كمال بشتى الطرق العمل على إعادة أمه لبيتها، ويدخل في صدامات عديدة مع والده وتزداد عقد كمال النفسية ومعاناته حتى يكبر ويظهر في أجزاء الثلاثية التالية (قصر الشوق والسكرية) أكثر تعقيدا في شخصيته التي استكملها فريد شوقي في مرحلة الشباب والكبر، ومن المفارقات الطريفة أن وجدي شارك في فيلم السكرية عام 1973، في دور مختلف عن دور كمال الذي أداه في بين القصرين.

4_ فيلم بطل للنهاية

في عام 1963 شارك وجدي العربي مع الفنان فريد شوقي والفنانة ليلى طاهر فيلمهما بطل للنهاية، والذي أخرجه حسام الدين مصطفى، وكتب له القصة والسيناريو والحوار علي الزرقاني، وأنتجه جمال الليثي، وشارك في بطولته محمود المليجي وتوفيق الدقن ونظيم شعراوي ومحمد الدفراوي وهيلين وزين العشماوي وعبدالعزيز أبو الليل كما شارك فيه أيضا والده الفنان عبدالبديع العربي.

يحكي الفيلم عن رئيس جمعية خيرية يدعى حافظ أمين، يتخذها ستارا لخطف الأطفال وطلب فدية كبيرة من أهاليهم، ويقرر المهندس أحمد عدم اﻻنصياع لطلبات العصابة فيقدم بلاغ للشرطة التي تستعين بأحد المجرمين السابقين وهو إبراهيم كي يساهم في القبض على العصابة واﻻيقاع برئيسها المجهول،

قدم وجدي دور الطفل حسن فاقد البصر وهو ابن سميرة و إبراهيم الشهير بفرانس الذي يسعى لتوفير أموال كي يعيد البصر لابنه، ويستجيب لطلب الشرطة لمحاولة القبض على رئيس عصابة خطف الأطفال من اجل المكافأة التى سيعالج بها ابنه، وتعلم العصابة أن إبراهيم مرشدا للبوليس فتقوم بخطف ابنه الضرير حسن، ولكنه وبمعاونة البوليس تمكن من إنقاذ ابنه والقبض على باقى أفراد العصابة،وأخذ المكافأة وعالج إبنه،وانضم لجمعية رعاية الاطفال.

5_ مسلسل على باب زويلة

ببلوغ وجدي سن الشباب استمر في تأدية الأدوار الصعبة التي تحمل الكثير من المعاناة، ففي عام 1976، ظهر وجدي مع المخرج نور الدمرداش والمؤلف صبري سلامة في دور السلطان المملوكي طومان باي، في مسلسل على باب زويلة، شارك في بطولة المسلسل كل من محسنة توفيق وصفاء أبو السعود ورجاء حسين وفؤاد أحمد وإبراهيم نصر وأنور إسماعيل.

تناولت أحداث المسلسل فترة حكم المماليك، ومحاولة التتار السيطرة على العالم، في فترة عدم وجود حاكم لمصر، وترصد الصراع بين المماليك والعثمانيين وهزيمة المماليك ودخول السلطان سليم الأول لمصر عام 1517، والقبض على طومان باي أخر سلاطين المماليك بعد مقاومة شرسة منه ومن أهل مصر وشنقه على باب زويلة، ومن غرائب هذا المسلسل أنه تم تصوير سبعة وعشرون حلقة منه بالأبيض والأسود وكانت أخر ثلاث حلقات بالألوان، وشارك وجدي بعدها بعدة سنوات في مسلسل يحكي نفس القصة بعنوان الزيني بركات مع رياض الخولي في دور مختلف.

6_ فيلم إحنا بتوع الأتوبيس

في عام 1979، قدم المخرج حسين كمال فيلمه المتميز إحنا بتوع الأتوبيس، عن قصة مستوحاة من أحداث حقيقة نشرت في كتاب "حوار خلف الأسوار" للكاتب الصحفي جلال الدين الحمامصي، وكتب السيناريو والحوار للفيلم فاروق صبري، وكتب كلمات الأغاني للفيلم الشاعر سيد مرسي وغنتها سوزان عطية ولحنها بليغ حمدي، وشارك في بطولة العمل نخبة من النجوم ومنهم عبدالمنعم مدبولي وعادل إمام ويونس شلبي ومشيرة إسماعيل وعقيلة راتب وسعيد عبدالغني وإبراهيم سعفان وإسعاد يونس وجمال إسماعيل ومظهر أبو النجا ورشوان سعيد وعلي المعاون وغيرهم.

تدور أحداث الفيلم قبل نكسة 1967، حيث يستقل جابر ومرزوق أتوبيسا للنقل العام وتحدث مشاجرة كبيرة بداخله مع المحصل، ويذهبون جميعا لقسم الشرطة، ويتم الإفراج عن المحصل بينما يتم حجزهما عن طريق الخطأ، ولسوء حظهما يتم القبض في نفس اليوم، على مجموعة من المعارضين السياسيين، ويٌرحل جميع المعتقلين إلى أحد المعتقلات ومعهم جابر ومرزوق، وهناك يتم تعذيب الجميع بطريقة وحشية قاسية، من قبل الضابط رمزي ورجاله الذين يمثلون مدى الاستهانة بآدمية البشر في ظل الحكم البوليسي،

أدى وجدي دور الشاب محمود وكان معارضا سياسيا هدفه حرية الوطن والمواطن ونال قسطا وفيرا من التعذيب والتنكيل في المعتقل وظهر إبداعه جليا وهو يجسد المظلوم عندما يتم جلده على يد الصول عبدالمعطي وهو يردد كلمات معبرة عن الموقف قبل أن يفارق الحياة متأثرا بجراحه.

ومن تلك الكلمات: "وشرفك يا بلدي .. لتبقي يا بلدي حياتك هيا عمري .. وقدرك هو قدري حرية على طول الزمان حب ..... حب وسلام في أي مكان .. وشرفك يا بلدي .. سحابة وتعدي وبرضه أنتى بلدي .. مهما عملوا يا بلدي فيكي إحنا ليكي .. إحنا بيكي .. دا أحنا ياما خدنا منك ... فيها أية لو يوم نديكى".



Post a Comment

Previous Post Next Post