د/ذكي السيد |
بدايه وفى معرض سطورى لابد أن نسلط الضوء جليا على دور الفن برمته فى فرض هوية المجتمع ، وهذا بالطبع لن يتأتى الأ من خلال إبراز المحور الأساسي الذى تدور فى كنفه العلاقه الكائنه بين الفن والمجتمع وأيهما يلعب الدور الأبرز تجاه الاخر.
مما لاشك فيه أن كلا من الفن والمجتمع يربطهما محرك واحد يستنبطان دورهما الأساسي من خلاله إلا وهو "الفرد "
فالفن بطبيعته وسيله للحوار الحسي بين كافة أطياف المجتمع ، والذى يستطيع من خلاله الفرد ان يبث رسائل مفهومه لكل أصناف البشريه ، دون أن تقف أمامه عثرات أو حواجز تعيقه كحواجز الزمان والمكان ، فضلا عن ذلك فإن الفن بطبيعته رساله وليده مرتبطه بحركات الفرد اليوميه ،تجدها تارة فى حركاته بالمأكل والمشرب، وتارة أخرى تجدها فى علاقاته مع شركائه داخل المجتمع ، إلا أنها تختلف محورها حسب النهج والسلوك النابع من الفرد ذاته فقد يتبلور هذا السلوك فى شكل من أشكال الابداع الحسي وذاك هو الفن المعنى محور الإشكالية التى نحن بصددها.
واذا كان المجتمع بطبيعته " نظاماشبه مغلقا تشكله مجموعة من الناس، بحيث أن معظم التفاعلات والتأثيرات تأتي من أفراد من نفس المجموعة البشرية، فإن علاقات الأفراد تلك هى فى حد ذاتها فنا تنظمه ظروف الحال وطبيعة تلك العلاقات...
بناء على ما سبق لا نجد غضاضة اذا جزمنا يقينا بالمد الايجابى لدور الفن فى التأثير على المجتمعات " فإذا أردت أن تقيس قيمة مجتمع ما فا انظر إلى فنه"..
ولما كانت الفنون بطبيعتها تتعدد وتختلف فيما بينها، إلا أن مايهمنافى هذا السياق هو ذاك النوع من الفن الذى يحدث الأثر الاكبر فى التأثير النفسي على كيان الفرد وفكره وينعكس بدوره على رقى وتقدم المجتمع ألا وهو " الفن المرئى والمسموع" ، وهنا يبرز تساؤلا هاماتتبلور حوله ماهيه العرض وهو " هل تلعب الدراما دورا هاما فى الارتقاء بالفكر المصرى؟"
ان الاجابه على هذا التساؤل يبرز جليا عند الوقوف على طبيعة الهدف الذى تقره الأعمال الدراميه فمما لا شك فيه أن احد أهم أهداف الدراما هو تسليط الضوء على قضايا المجتمع وما فيه من مشكلات تحتاج إلى دراسة وتوعية لأن تسليط الضوء عليها وكشف خباياها والتعرف الى أبرز نتائجها ومعرفة إفرازاتها وتجنبها يحقق مصلحة مجتمعيه عليا ...
وإزاء هذا الدور الهام للدراما فى فرض الهويه المجتمعيه يجب الاشاره إن هذا الدور محوره الأساسي طبيعة ما يقدم من أعمال، فطبيعة العمل الدرامى تلعب الدور الأبرز فى تشكيل الفكر المجتمعى ايجابا أو سلبا ، ولا اعنى قطعا بطبيعة العمل هنا فكرة العمل فحسب ، بل المحتوى العام للعمل بدء من فكرة العمل مرورا بصناعه وجميع القائمين عليه وتباعا بالدور المنوط بالدولة فى توفير المناخ التام من أدوات وإجراءات تسهم فى تقديم فكرة راقيه من خلال عمل مميز يعود بالايجاب مستقبلا على أجيال المستقبل ، ولنا فى قطاع الإنتاج المصرى نموذجا يحتذى به فبعد أن كانت الدوله تسهم بدور بارز فى انتاج الأعمال الدرامية، شهد المجتمع طفرة أخلاقية واجتماعية عادت بالإيجاب على رقى المجتمع وتحضره ، تلك الطفره التى ساهم فيها عمالقة وأساطير الفن المصرى كتابا وفنانين ومخرجين ساهموا فى كتابه اسمائهم بأحرف من نور فى سماء الابداع ولنا فى ذلك نماذج عديدة لعل أبرزهم على سبيل المثال لا الحصر ( احمد عبد العزيز ، جمال عبد الناصر ، محمد رياض ، طارق الدسوقي، شريف خير الله ؛ احمد راتب ؛ يوسف شعبان ؛ ممدوح عبد العليم ، وائل نور ؛ عبد الله غيث ؛ عبد الله محمود ؛ عادل أنور، نبيل الزقزوقى ، نبيل الغول، مجدى صبحى ؛ محمد فاضل ، مجدى ابو عميرة ، محمد صفاء عامر ؛ أسامة أنور عكاشه.... وغيرهم من العلامات المضيئة فى تاريخنا الدرامى) ، على النقيض حين تخلت الدوله عن دورها المعهود طفح إلينا على السطح الموبيقات الذين اتخذوا من الفن ذريعه للتغلل إلى بيوتنا وافكار شبابنا فساهموا فى انتشار الفساد والجريمه ولنا فى ذلك دلالات امثال( ... اخر المستجدات على الساحة السبكيه ) ....
فى النهاية لا يسعنا القول ا لا مناشدة القائمين على المنظومة الفنيه فى بلادنا بضرورة التدخل الفورى ، وعودة الدوله لدعم الإنتاج الفنى ايمانا منا بعظم هذا الدور لوقف نزيف الأخلاق الذى استشرى مجتمعنا جراء ما تشهده الساحه الفنية حاليا من انحدار.. والله الموفق
التسميات :
مقالات عامه