بين الإبداع والتكرار – ماذا تقدم شاشات التلفزيون اليوم؟

0
بين الإبداع والتكرار – ماذا تقدم شاشات التلفزيون اليوم؟



في ظل التطورات المتسارعة التي يشهدها عالم الإعلام والترفيه، تقف شاشات التلفزيون اليوم أمام تحديات كبرى لا تقتصر فقط على المنافسة مع المنصات الرقمية، بل تشمل أيضاً الحفاظ على جودة المحتوى وجذب الجمهور المتنوع. ومع تنوع البرامج والمسلسلات التي تُعرض، يظل السؤال الأهم: هل يرقى ما تقدمه شاشات التلفزيون لتوقعات المشاهد، أم أنه مجرد استنساخ باهت للأعمال السابقة؟


الإبداع في زاوية ضيقة


تتسم بعض الأعمال التلفزيونية اليوم بنضوب واضح في الأفكار الإبداعية. نجد تكراراً في القصص، سواء في الدراما أو برامج المنوعات، ما يجعل المشاهد يشعر بأنه يُعاد تقديم نفس المحتوى بصياغات مختلفة. المسلسلات الاجتماعية، على سبيل المثال، أصبحت تعتمد بشكل كبير على عناصر الإثارة المفتعلة كقضايا الخيانة، وصراعات العائلة التقليدية، دون أن تقدم معالجة عميقة أو طرحاً جديداً لهذه القضايا.


من ناحية أخرى، تبرز بعض البرامج كمحاولة لإحداث فرق، مثل تلك التي تهتم بالمواهب أو الوثائقيات. ومع ذلك، يظل هذا النوع في الغالب محصوراً في قوالب مكررة تستهدف الإثارة التجارية أكثر من تقديم محتوى معرفي أو ثقافي.


التأثير السلبي للاستهلاك التجاري


من الملاحظ أن شاشات التلفزيون أصبحت موجهة بشكل مفرط نحو متطلبات السوق، حيث تسيطر الإعلانات على محتوى البرامج. هذا الأمر أدى إلى تضييق مساحة الإبداع الفني لصالح الربح المادي، مما أثر سلباً على مستوى الأعمال المقدمة.


على سبيل المثال، أصبحت معظم المسلسلات تُكتب وفقاً لعدد الحلقات المطلوبة وليس وفقاً للضرورة الدرامية، ما يفسر الملل والتطويل غير المبرر الذي يعاني منه المشاهد.


نماذج تستحق الإشادة


رغم ذلك، لا يمكن إنكار وجود بعض التجارب التلفزيونية المميزة التي تنجح في جذب الجمهور من خلال محتوى أصيل ومبتكر. هناك محاولات جادة لإعادة إحياء الدراما التاريخية مثلاً، أو برامج النقاش التي تُسلط الضوء على القضايا الحقيقية التي تهم المجتمع.


الخلاصة


شاشات التلفزيون اليوم تبدو وكأنها تقف على مفترق طرق بين البقاء في دائرة الاستسهال وتقديم محتوى استهلاكي، وبين إعادة اكتشاف دورها كمنبر للإبداع والوعي. ولعل الحل يكمن في الاستثمار في الكوادر الشابة وتشجيع الكتاب والمبدعين على كسر القوالب التقليدية.


يبقى الأمل أن تدرك القنوات التلفزيونية أن الجمهور اليوم يبحث عن محتوى يُغني الفكر ويُلامس القيم الإنسانية، لا مجرد ترفيه آني يتبخر بمجرد إطفاء الشاشة.



إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)