مصعد الشحن

0
عمرو أحمد ..مصعد الشحن

بعد ما انهيت دراستي و حصلت علي الشهادة و صرت حاملا لمؤهل عالي … كان يجب ان اعمل و من ثم بدات البحث عن عمل  … و لكن كان الامر محبط .. ابواب مغلقة و لا تجد من يقف خلفك للمساندة… فبدات افكر في العودة الي عملي السابق علي دراستي حيثما كنت  فرد امن و حراسات كوظيفة مؤقتة الي حين اجد ما يناسبني  … فذهبت لاحدي شركات الامن و قدمت اوراقي ثم تم توزيعي علي مركز التجارة العالمي المطل علي كورنيش النيل … بالطبع ليس له علاقة بالمركز التجارة العالمي اياه بتاع امريكا هو مجرد اقتداء بالاسم فقط لا غير …  و بداخل هذا المركز الذي كان يضم فندقا و برجا و مول محلات مغلقة خالية من اشياءها ... كانت شركة الامن مسئولة عن تامين و حراسة تلك المحلات المغلقة و قد هجرها اصحابها لاسباب لا اعلمها .. قد كانت كل المحلات مغلقة ما عدا محل نوكيا و معرض سيارات.
و كان لدي فضول للتجول بين تلك المحلات المغلقة و تأمل تلك الارفف الخالية و التي كانت ممتلئة بالبضائع و المنتجات الحديثة و اخر الموديلات و كان من ضمن تلك الاماكن المغلقة كان يوجد صالة جمنازيوم له جناحان .. جناح للسيدات و جناح للرجال كل منهما باب للدخول مواجهان لبعض  … و علي الرغم من انه مكان مهجور الا انه كان لا يزال محتفظ بالمعدات و الالات الرياضية الخاصين به.. فقد تجولت في احدهما اشاهد تلك الالات و المعدات  الي ان اكتشفت نقطة التقاء بين الجناحين … باب صغير يكاد يتسع لحجم فرد واحد فقط للدخول و لكنه كافي للخروج من هذا الجناح للدخول الي تلك  ..و كانت مفاجاة بالنسبة لي …  فالجمنازيوم في الظاهر له بابين و مكانان منفصلان و لكن في الحقيقة يوجد في  الخلف يوجد باب واصل بينهما … و قد سمعت طراطيش كلام حول هذا الجناحين بل حول كل شيء في هذا المكان و لكنه يبقي في الاخر مجرد طراطيش من افراد امن لم يكونوا متواجدين لحظه تشغيله … لقد كان المكان ممتع لانه كان خالي من الناس فلا يوجد احد يتجول في هذا المكان سوي افراد الامن .. هما احنا .. كنت اتجول في هذا المكان الهاديء و ادخل محلاته .. اتاملالارفف الخالية و اثار اصحابها . كزبون مهم خالي الجيوب اقصد الهموم .. يبحث عن شيء لا يريد ان يشتريه … بالطبع ينتهي الامر بعدم شراء شيء في نهاية تلك الجولة المجانية .
و في ذات يوم تم اختياري لموقع داخل المركز في الدور الخامس هو عبارة عن طرقة مطل علي حمام سباحة … الطرقة من ضمن المساحة التي تخص شركة الامن للاشراف عليها ام حمام السباحة فتخص سكان البرج لذلك كان ممنوع علينا نحن افراد الامن الخروج من الطرقة الي حمام السباحة و الا لقينا ما لا يرضينا من الشتائم و السباب من احد سكان البرج بالذات اذا كان موجود و هو كما علمت منتج اغاني الذي كان ياتي بمصاحبة مطربة شابة صاعدة بسرعة الصاروخ … لذلك انا لم احاول رؤية حمام السباحة لو حتي مرة واحدة حتي لو كان خاليا من رواده و لكن كان هذا الكلام من ضمن الطراطيش .اذ كانت معظم الوقت خالية من روادها .
و في ذات مرة بعد ان انتهت ورديتي لاحظت بعد انتهاء ورديتي بالطرقة وجود مصعد مخصص لشحن البضائع ذات خمس ادوار و كانت طرقة حمام السباحة كان في الدور الخامس ثم تخيلت مكان مصعد الشحن و طرقة الحمام وجدتهما متقاربين جدا … ثم فكرت في استخدام مصعد الشحن القريب بدلا من الالتفاف حول المبني من اجل استخدام المصعد الاساسي للبرج … اذ كان علي بعد تاكيد الحضور ثم تغيير ملابسي الالتفاف حول المبني بكامله لكي اصل الي مدخل البرج ثم صعود سلم الي طرقة الحمام ثم قررت تنفيذ تلك الفكرة في اليوم التالي.
وبالفعل عندما اشرق صباح اليوم التالي بعدما قمت بتاكيد حضوري و ارتداء ملابسي الرسمية كضابط امن اتجهت مباشرة الي مصعد الشحن و بكل ثقة ضغطت علي زر الدور ا لخامس و عندما انفتح باب المصعد للخروج منه فؤجئت بان المكان مظلم … لكن بدلا من التراجع دخلت في وسط الظلام الدامس ثم لاحظت بصيص من نور الشمس فاتجهت اليه فوجدته باب حديدي هو الباب المطل مباشرة علي حمام السباحة بدون مقدمات … اذن كانت نظريتي صحيحة مائة في المائة و لكن كان الباب الحديدي ملتحم لحاما لا فكاك منه .. استحالة ان يفتح و لكن ليست هذه المشكلة .. المشكلة هو اني  بعد ان ادركت ذلك و كان ادركا بعد فوات الاوان … انغلق باب المصعد و انغلق قلبي معه فاتجهت اليه بسرعة ثم ضغطت علي الزر و لكن وجدت الزر لا يضيء … نعم مع الدهشة … هو دا وقته .. ثم ضغطت عليه عدة مرات لا فائدة ثم وجدت نفسي وحدي مع الظلام … قالي اهلا قلت له اهلا بيك .. ماذا افعل الان و لا يدرك احد اني هنا ثم اتجهت الي الباب الحديدي خبطت عليه عدة مرات لعل شخص ما يسمعني او ينجدني لكن لا احد فالباب ثقيلا و صوته ثقيلا والوضع ثقيل قوي … لا ادري كم مر من الزمن علي و انا في هذا الموقف فالزمن تنسي وجوده في تلك اللحظة و بينما انا اخبط علي الباب مرة اخري لعل شخص ما يسمعني … فؤجئت باب المصعد يفتح مرة اخري … ما صدقت حتي قذفت بنفسي بداخله و حمدت الله علي السلامة … و لكن المخ النظيف يظل نظيف … بدلا من النزول للدور الاول ثم الوصول الي موقعي عن طريقه الطبيعي  .. قررت النزول طابق او طابقين … لعلي اخرج اجد مخرج قريب و فتح باب المصعد عن طرقة شبه مظلمة اذ كانت مصابيح الطرقة مطفاة ثم لم تمر سوي بضع ثواني و انفتح باب امامي و فؤجئت بزميل لي من الامن و لكن من الامن الاطفائي المسئول عن الطفايات و الحرائق .. يخرج من الباب و ينظر لي بدهشة و يقول لي كيف جئت انت هنا و فكانت اجابتي هو : كيف اصل الي مكان حراستي في طرقة حمام السباحة فنسي الزميل سؤاله و اجاب بان علي ان اسلك تلك الطرقة و في نهايتها سوف اجد سلما يصل بي الي مكان حراستي فسلكت كما قال فوجدت اثناء سيري محل لمكتب الصرافة مهجور و يجلس فيه امين شرطة لحراسته في صمت تام … نظرنا لبعض في صمت ايضا  و لم يسالني عن سبب وجودي في الطرقة و لم اساله عن سبب عن وجوده في مكتب الصرافة و لم القي عليه السلام بل نظرة صامتة فكان صمته ردا ايضا .. ثم سرت في طريقي الي ان صعدت سلما و وصلت منه الي مكاني و سلمت علي زميلي و جلست الي الترابيزة صامتا مسترجعا ما حدث … و لم اتحدث مع زملائي ما حدث لي مع مصعد الشحن و لم اتحدث مع احد عن هذه الحادثة ابدا حتي كتابة هذه السطور .. كأني اسقطتها من ذاكرتي و اكتفيت بتأمل المكان و كنت اعلم مكان تلك الغرفة المظلمة و لكن لكي اخرج اليها لرؤيتها من الخارج .. كان يجب الخروج الي حمام السباحة و الشمس و لكني لم افعل حتي لا ابدو كمتطفل علي المكان و التزاما بقواعد عملي و حمد الله علي السلامة  .
التصنيفات:

إرسال تعليق

0 تعليقات
* Please Don't Spam Here. All the Comments are Reviewed by Admin.
إرسال تعليق (0)