بقلم الحفيدة/ منال سناء
☕فنجان قهوة مع ديدة☕
فنجان اليوم تم إعداده ب بن غامق و الوش كله هم كبير، وحزن عميق. جَلست ديدة مهمومة، وهي تتكلم معي عن هذا البيت الأصيل والعتيق عندما رأت حفيد جارتها يبيع كل الأشياء الخاصة(بالجد/ الجدة) لبائع الروبابيكيا.... استعدادا لبيع البيت نفسه وقالت: إنه لا يعرف قيمة هذه الأشياء، ولا قيمة جدران هذا البيت ونظرت لي؛ وهي تتألم.
شاهدت البيع وصدمت عندما وقعت عيني علي الأشياء ومنها ألبوم صور عائلى يعود للستينات؛ وقبلها لسنين كثيرة لأسرته بكيت؛ وبشدة وصحت عليه وطلبت منه لا يبيع هذا وطلبت منه أن أخذه وقلت: له أتمنى أن تأتي وتجلس معي و أحكى لك قصة ألبوم الصور وأبطال الصور..نظر لي و استغرب فعلي، و أوقف البيع وصعد إلي؛ جلست مع الحفيد و يملىء قلبي حزن...
وبدأت تسرد الحكاية وهي تُعد له فنجان القهوة المحوج بالعَظمة؛؛ أعلم أن البيت عتيق؛ ومن ينظر له يشعر أنه بيت آيل للسقوط_ ربما سقط بالفعل_ من وجهة نظرك؛ وكل البيوت أقصد القصور التي بُنيت حديثا جعلته ساقط ومُختفي من هول إرتفاع تلك القصور. الوريث الوحيد لهذا البيت هو أنت، وأعلم أنك تسعى جاهداً للتخلص منه بشتى الطرق....هكذا
بدأت ديدة كلامها بتلك الجمل المريرة. ياحفيدى قيمة هذا البيت ليس مالا فقط انه بيت الابطال الذين ضحوا بالكثير ليظل صامدا؛و ليصل إليك إنه كنز وليس بيت كأي بيت إن فتحت الباب قد فتحت التاريخ وإن نظرت من أي نافذة رأيت العالم قديمه وحديثه ويكفيك فخرا أنك تحمل أسم واحد ممن عاشوا بالبيت و تعلموا منه كل العلوم؛ وهذا الألبوم يحتوى على صور أجدادك من المفكّرين، والعلماء، والقادة والأدباء وصور الشهداء فكيف تُلقي به في عربة الروبابيكيا!!!!!
**ألا تعلم من هم؟**
انظر لهذا الجد خُلدت أعماله بالصور وانظر أيضا لتلك الصورة واقرأ تاريخ صاحبها وإليك بهذه الصورة يغطي الدم جزء كبير منها إنهم شهداء هذا البيت يا وريث إليك هذه المخطوطة بخط اليد لجدك الذي قال :(الذين لا يسطتيعون تغيير نسيج أفكارهم لن يكونوا قادرين علي تغيير الواقع، ولن يحرزوا أبداً أي تقدم).
*يا جدتي... أريد بيعه لكي اهاجر للخارج حيث التقدم والتطور وأيضا الحرية.يا حفيدي أنتم صانعي هذا التقدم والتطور ولكن بشرط قراءة التاريخ،دراسةعظمة الاجداد.
هل تعرف معنى عَظمة أقولك: إنها صفة ترتبط بالشخص الذي يقوم بعمل معيّن، ويساهم في تغيير شيء قائم أو اكتشاف شيء ما يؤثر تأثيراً إيجابياً على الناس، ويسمى كل شخص يتّصف بهذه الصفة (العظيم)؛ لأنه يقدم شيئاً يحقق فوائد عديدة للأجيال البشرية؛؛ وعلي مر العُصور ظهر أشخاص خَلدهُم التاريخ، منهم من قِيل ومازال يُقالُ عنهم أنهم عُظماء لِما حملوه من رسالةٍ هَزت العالم، أو لشيءٍ قد اكتشفوه أو اخترعوه، أو لإبداعٍٍ ترك بصمته على حياة البشرية، وفي بعض الأحيان يُقالُ عنهم أنهم عُظماء لحربٍ قد فازوا بها،أو لأرض قد تم استرجاعها....
*يا جدتي انتهى زمن العظماء العظيم اليوم بالمال وأين يقضي الصيف وإلى أين يذهب في الشتاء؟ كم لغة يتحدث بها...هل يلبس براند؛؛ و يستطيع تجديد سيارته كلما صدر الأحدث.
* يا حفيدي انت لا تسمعني ولكني لن أسكت وأيضا داخل الألبوم صور طغاه أيضا التاريخ خَلد صورهم وحكايات جبروت هؤلاء حتى نتعلم أن الطاغي يعيش مفسد في الارض ويموت خائن وحيدا شريد تائه.
ومن المُهم لكي يتقدم الإنسان في حياته أن يأخذ نظرة على حياة الأشخاص الَّذين لولاهم ما كان سيكون لنا حاضر نعيشه، ونعتز به، وبفضل جهودهم جعلوا حياتنا أسهل، وفتحوا لنا الطريق لكي نمشي على خُطاهم،
*يا جدتي إن المعيشة هنا صعبة وهل يُعقل أن يكون لدي مال كثير وأعيش فقير ويضيع العمر في البحث عن المال.
*يا حفيدى هل الغلاء في وقتنا الحاضر يجعلك تبحث عن أسهل طريق واسرع طريق للحصول علي المال وتبيع نفسك وجذورك؛الوصول للمال بالعمل والإصرار *جدتي: أريد أن أعيش هؤلاء أموات عاشوا حياتهم وأنا لم أعيش حياتي بعد.
*حفيدى: لكي تعيش انت تمحو ذِكراهم
*جدتي: خذي انتي هذا الألبوم و حلال لي هذا البيت؛ و غدا ميعاد البيع وشكرا علي قهوتك....
رحل وترك غصة بالقلب، وصدمة في العقل.
وقالت لي:
هل أحزن عليه أم منه؟؟هل أبكي منه أم عليه؟ وماذا فعلتِ يا ديدة بعد نزوله نزلت؛ و طرقت على أبواب كل البيوت المجاورة للبيت أستغيث بهم مستعينا بأصحابها لنقف سويا أمام بيع البيت وكانت صرختِ استغاثة وحكيت وقلت: لا يختلف اثنان أن البيت هو أغلى ما نملك، فقد عشنا تحت ظله، وأكلنا من خيراته، وترعرعنا بين جدرانه؛ وتوفر لنا داخله الأمن والأمان، وبعد كل ذلك، فمن منا لا يحب البيت؟!
غدا نمنع هذه الصفقة المشينة؛ و نقف أمام جهل هذا الولد بكل قوتنا، و أموالنا، و كفانا سلبية وصمت.....
اشرقت شمس يوم البيع، وجاء الوريث ومعه المشتري وجد امام البيت جيش من أصحاب البيوت المجاورة، تقدم ووقف امام ديدة ونظر وقال: انه حقي وليس من حقك أن تقفي امام البيع
و سأستعين بأصدقاء أقوى منكم و ستتم عملية البيع والتسليم..
**ماذا فعلتي يا ديدة؟ **
نزلت علي وجه بالقلم وأمرت الشباب بربطه بحبل وحبسه في البيت و دخلت معه وقلت:
اجلس هنا تعرف علي نفسك توجد بين الجدران هويتك وتحت الأرض جذورك تذكر أيامك وسنين فاتت. ظل يصرخ لن أتراجع ولن استسلم البيع هو الحل.
كان في خيالي أن الحنين سيقف حائل ويغير رأيه ولكن خيب ظني ولم يتغير وظل ثابت علي موقفه...
* ضاع الولد... فهل يضيع البيت؟؟