"الخيل والليل والبيداء تعرفني.. والسيف والرمح والقرطاس والقلم" بهذه الأبيات يعرف العالم أجمع من هو "المتنبي" أحمد بن الحسين بن الحسن وكنيته "أبي الطيب المتنبي" والذي ولد في العام 915 الميلادي في مدينة الكوفة العراقية، والذي نظم أول أشعاره قبل أن يتخطى العشرة أعوام من عمره، واشتهر بحدة الذكاء والموهبة المتميزة.
أفضل أيامه
تنقل المتنبي بين أكثر من دولة لظروف مختلفة أبرزها علاقته بنظام البلد التي يذهب إليها أو يغادرها، وعاش الشاعر الفحل أفضل أيام إبداعه وتألقه في بلاط سيف الدولة الحمداني في حلب السورية، وكانا قريبين في السن وجعله مميزاً عن باقي شعراء حلب فكان الوحيد من بينهم يلقي شعره وهو جالس بينما غيره لابد من الوقوف، ونظم بإبداع قصائد المدح التي كان يجزى عليها، وساند المتنبي سيف الدولة في حروبه ضد الروم. فخره كبريائه
كان المتنبي دائم الشعور بالفخر والعزة ومن عاداته أنه كان يفرد النصيب الأكبر من قصائده لمدح نفسه قبل وأكثر من الملوك والأمراء، وهذا ما ساعد كارهيه في بلاط سيف الدولة في بث الفتنة بينهما لتحدث فجوة واسعة أطاحت بتاريخ الوفاق وصفحة المصاحبة بعيدًا. وبعد نحو 10 أعوام في بلاط سيف الدولة وجد الجفاء موضعًا خصبًا، وكانت القاضية حين تعدى ابن خالويه على المتنبي في حضرته ولم ينتصف له ما جعله يقرر الرحيل عن المدينة التي جعلت منه أمير الشعر المدلل وأنشد قصيدته الشهيرة "لا تطلبن كريمًا بعد رؤيته"، وكثرت الأنباء بشأن حب المتنبي لشقيقة صاحب حلب "خولة" التي رثاها في قصيدة ذكر فيها حسنها، وهذا لا يقبله الملوك عند رثاء نسائهم. موقفه من مصرحاول المتنبي التقرب إلى حاكم مصر في عصره "كافور" فأطلق القصائد التي تمدحه وتمجده ولكن كافور خاف من تطلعات المتنبي إلى الحكم والزعامة فأعرض عنه، ليخرج المتنبي بعد فترة من المحاولات الفاشلة لتثبيت وجوده في مصر، ويبدأ بعدها بنظم قصائد لاذعة من الهجاء في مصر وحاكمها كافور ومنها "طردت من مصر أيديها بأرجلها.. حتى مرقن بها من جوش والعلم" حكمته تميز المتنبي بشعر كثيف المضمون حيث قد يحوي البيت الواحد تجارب ومقولة تمثل منهج الحكماء في حياتهم، ومنها:"أردت من زمني ذا أن يبلغني .. ما ليس يبلغ من نفسه الزمن" "ما كل ما يتمنى المرء يدركه.. تجري الرياح بما لا تشتهي السفن"وقال:وإذا اتتك مذمتي من ناقص .. فهي الشهادة بأنني كاملوقال أيضاً:إذا غامرت في شرف مروم.. فلا تقنع بما دون النجومفطعم الموت في أمر صغير.. كطعم الموت في أمر عظيميرى الجبناء أن العجز عقل.. وتلك خديعة الطبع اللئيم الشعر الذي قتل صاحبههجا المتنبي مرة رجل يدعى "ضبة بن يزيد الأسدي" فكان المتنبي يومًا عائدًا إلى الكوفة وكان معه غلامه ولقيه في الطريق "فاتك بن أبي جهل الأسدي" وهو خال ضبة "وكان معه جماعة من قومه" فتصارع معهم المتنبي حتى تيقن هزيمته وقتله وقبل أن يجهز عليه أسرع إلى الهروب ليذكره غلامه قائلًا : ألست من قلت الخيل والليل والبيداء تعرفني.. فتوقف المتنبي عن الهرب ورجع ليلقي حتفه في عام 965 ميلادي عن عمر يناهز الخمسين عامًا.
التسميات :
مقالات عامه