بقلم الحفيدة/منال سناء
☕فنجان قهوة مع ديدة☕
💌كارت تهنئة من الجدة إلى الحفيدة
❤❤❤حفيدتي الجميلة❤❤❤
اليوم عيد ميلادك " الاربعين"ال40
أنتي اليوم في أحلى سنين العمر...
من أربعين عام كنتي الطفلة التي طرقت باب دنيتي وأصبحت جدة ووقعت في حبك من أول نظرة لعينيك الساحرة.. خبأتكِ....داخل حضني...كُنت لكِ كتاب مفتوح علي العالم.. ارتويتِ من حناني.
وخبرتي؛ لم أبخل عليكِ..وأنتِ كنتي مثال للحفيدة الطائعة،الحنونة، المخلصة
حفيدتي....نصيحتي لكِ في كل مراحل عمرك...عيشي المرحلة، وتمتعي..لا تفكير في سن، ولا في كلام الناس؛ اليوم بدأت مرحلة جديدة؛ ظهرت أشياء، واختفت اخرى...
بالأمس كنت في نفس السن...و مررت بنفس ما تمرين به اليوم..والذي أزعجني عندما وقفت أمام المرآة؛و وجدت شعرة بيضاء تسربت بين الشعرات... وبدأت أفتش متمنية ألا أجد غيرها.. والشعرة الواحدة المتسللة كان لديها أسرة كاملة في ضفيرتي الطويلة.
سرحت في صورتي وأنا صغيرة؛ كم كانت ضفيرتي جميلة بشريطه ملونة. للمرة الأولي بعد مرور أعوام كثيـرة.
تصفحت ألبوم صوري القديمة. مـــــــرت أعواماً علي تلك الصورة التي التقطتها أمي لي. صورة طفلة بضفيرة وشريطه. ما أجملني، وما ألطفني.يا رقتي، مرحي وحيويتي؛و سكوني؛ و هدوئي.تمر السنين سنة وراء سنة. وتُلتقط صورة وراء صورة. تتطور حياتي؛ ومعها شكلي من جميل لأجمل ومن حيوية لأكثر نشاط وانفتاح علي الحياة؛ ومرح وضحكات هنا وهناك. وتمر عشرات السنين وعشرات آخري وأصل لسن الفتيات؛ وتختفي الضفائر والشرائط الستان, والفيونكات, وتختفي معهم معالم الطفولة؛ وتختفي صورة الأبيض والأسود صورة من الزمـن القديم. وأركب قطار الفتيات لقد تغيرت ملامح الفتاة التي كانت بالأمس بضفائر,وعيون ممتلئة بحـب الحياة, وقلــــب ينبض بالحيوية؛وصارت وتحولت ملامحي لفتاة ستتحمل مسئولية زوج, وأولاد وبيـت.
وبدأت رحلة جديدة في حياتي ودخلت وغُصت وتعمقت بتفاصيل الحياة ودارت الحياة؛ولم أقف لحظة لأنظر بالمرآة لأرى هل طرأ تغير؟هل ظهرت علامات علي ملامحي ؟ هل أختفى بريق الطفولة وظهرت تجاعيد المسؤولية؟ ما الذي يزعجني في تقدم العمر؟ وما المُخيف في مرور الأيام وتسريبها من بين يدي؟ وهل وراء التجاعيد، والشعر الأبيض جمال؟
فتحركت مسرعة نحو المرآة وأطلت النظر باحثة عن أي علامات لتجاعيد ظهرت أو خلفتها السنين؛فانصرفت من أمام المرآة ثم عدت للتأكد مرة أخرى ربما أجد شيب هنا أو تجعيده هناك. واطمأننت.
وعاتبت نفسي لحظة.... لحظة..ما الأمر إن الأمر أكبر من الجمال في الشكل ومحاولة إخفاء الشعرات البيض أو التجاعيد؛ والظهور وإخفاء العمر الحقيقي. الأمر أهم هو مقاومة العمر, ومحاربة الوقت, وتجاهل وعدم رؤية الحقيقة أن العمر فر ومر وهرب. وهل أجلس أراقب مروره؟. وهل هناك فرصة لاسترداد أيام العمر للسعادة؟
وجلست أفتش عن روح الصبية الحالمة وجدتها جالسة بعيد.... بعيد. ومدت يدي لأخرجها؛ ما العيب في إخراجهاوتعويض ما فات من حياة. ما هذا التفكيــــر؟ وكيف أفكر بهذه الطريقة أن العمر ضاع وأن السنين فرت ولم أشعر بها, ولم أعيش لحظة.وأن التجاعيد كست وجهي ويدي والشيب مليء شعري. تفكير سلبي يُميت شباب القلب؛ ويبث العجز في الروح. وما العيب في مرور السنين.
مرت أيام جميلة وحالمة وحققنا الكثير أو البعض من الأماني.ومرت سنين قاسية وطويلة ومملة اكتسبنا خبرات وتجارب جميلة ومعهم أشخاص جُدد.إن وراء كل شعرة بيضاء قصة كفاح وخبرة. ولا يخجلني هذا ولن أقف كثيراً عند تلك المحطة لتحطمني.
أحيانا أشعر بالحنين للطفولة وأيامها وللجلوس علي المرجيحة, والسهر في ليالي الصيف مع بنات العم والضحكات التي تهز أركان غرفتي, واستقبال أيام العيد بفكر خالي وملابس جديدة, وتسريحة شعر مبتكرة. وعد العدية والتخطيط لصرفها وانتظار" الخالات والعمات" وصلاة العيد. ما أروع منظر صجات الكعك في طابور الفرن للفجر.
ما أجمل يوم "شم النسيم" والخروج للحدائق؛ والأكل، والتسالي، ونط الحبل ولعب الشطرنج والكوتشينة، ولعبة عروستي _ ألغاز_.
لكن العمر ليس الطفولة والشباب. المرح ليس للطفولة فقط والضحكات ليست ملك للشباب.مدام بوسعنا المرح لنمرح. ومازال بقلوبنا نبض وعطاء. وتمتلئ أيدينا بالعطاء. وينهمر من عيوننا البريق واللمعان لنمرح, ونضحك ونعيش.
مـــــن حقــي الحنين للأيام الطفولة وتذكر الأيام الجميـلة. ولكن مـــــع التذكر أن لكل مرحلة جمالها وروعتها وسعادتها. ولا يجب التوقف عند مرحلة والندم علي ما فات كل المراحل جميلة. وكل سنين العمر عطاء زاخـــــــر ومستمر.
وأتمنى أن يأتي يوم الشيخوخة و لا أخجل من ذكر عدد سنين العمر ولا أخجل من التجاعيد والشعر الأبيض. ستكسو وجهونا الجمال والوقار.و أحمد الله علي السنين الماضية التي مــــــرت.
لأن كل سنة مرت عشت فيها الحب وشعرت بالصداقة وأعطيت حنان ودفيء. وكان لعمري هدف ومعني. كل لحظة مرت بمعني وأكسبتني معاني. وأتمنى عند وصولي لمحطة الشيخوخة أكون طفلة بجسد عجوز وقلب يرسل أشعة الحــب.
لا يهم الشعر الأبيض؛ ما أجمل ضفيرتي التي صارت بلون الصفاء.
لا يهم التجاعيد الضحكات ستغطي علي التجاعيد؛ وكما عشت بهدف، و معنى سأعيش بهدف و معني حتى النهاية
لا مكان لليأس مدام هناك يوم يبدأ من جديد. وليس هناك محطة أولى ومحطة أخيرة...
بعد قراءة سطور"ديدة" التي جاءت في وقتها...بثت شعور جديد؛ وكأن بداخلي جنين جديد يُعلن عن ميلاده اليوم؛جنين الحياة؛جنين الاستمرار، و العطاء بتلك الشعرات البيض؛ جنين المرح؛ والفرح
التسميات :
مقالات عامه