الدراما المصرية بين الواقع والمأمول |
د/ذكي السيد |
مما لاشك أن الدراما التلفزيونيه كانت ولازالت ناقوس الابداع والفكر الراقى الذى يشكل هوية المجتمع نحو الريادة والتقدم ومنعه من السقوط فى براثن الهاويه ...
والحقيقة المؤسفه التى لا جدال فيها ان واقعنا الدرامى قد تحول برمته من كونه عاملا إيجابيا فى الارتقاء بالذوق العام للمجتمع إلى مجرد عاملا حفازا مساعدا لانهيار وانحدار القيم والمبادئ المجتمعيه، يؤكد تلك الحقيقه ما أصاب الدراما المصريه من وهن ، فبعد أن تبوأت الدراما المصريه القمه والريادة فى حقبة الثمانينات والتسعينات من القرن المنصرم حتى أطلق علي تلك الفتره " العصر الذهبى الدراما " إذ بها تسقط فى براثن الهاويه لا منجد لها ولا ناصر ، فقد تحولت الفكره الإيجابية والغرض الأسمى للثقافه الدرامية إلى مجرد مجرد باعث للجريمه ، ولما لا وقد اجمعت الدلالات والإحصائيات التى تم حصرها مؤخرا على تزايد معدل الجريمه فى الآونة الأخيرة مقارنه بما كانت عليه فى نهايات القرن الماضى ، وحقيقة لا يمكن إنكارها ان الباعث الأول على ارتكاب مثل تلك الجرائم مرجعه ما تشهده شاشات التلفاز والفضائيات من اسفافات وابتذالات وألفاظ خادشة للحياء تفرض قهرا على جموع المصريين لانها تدخل إليهم من الباب الكبير والذى كان دائما مصدرا إيجابيا للثقافة والتسليه " التلفزيون " ...
وإزاء حديثنا عن عظم العصر الذهبى للدراما ، لابد أن ننوه عن المقومات التى حدت به الى تلك المكانه؛ فلقد اجتمعت كافة الأسس التى جعلت منه عصر ريادة الدراما ، فكانت الدوله بدورها العظيم تدعم الفن من خلال قطاع الإنتاج الذى لعب دورا بارزا فى الارتقاء بالفكر الدرامى - وهنا تخص بالذكر العظيم الراحل " ممدوح الليثى" الذى ساهم بدوره مع قطاع الإنتاج فى اخراج باقه من ألمع وأعظم المسلسلات الدراميه ولنا فى ذلك دلالات " ليالى الحلميه، الشهد والدموع ، بوابة الحلوانى ، ذئاب الجبل؛ المال والبنون؛ الوسيه ؛ السيره الهلاليه.." وغيرها من العلامات المضيئة فى تاريخنا الدرامى ، فضلا عن ذلك كان هناك من صناع الدراما اساطير ا حفروا اسمائهم بحروف من نور لأنهم حرصوا كل الحرص على تقديم ما يليق بعظم تاريخهم الفنى ولنا أيضا فيهم دلالات " احمد عبد العزيز ؛ عبد الله غيث، صلاح السعدني، صلاح قابيل ، محمد الدفراوى؛ احمد ماهر ، جمال عبد الناصر ، ممدوح عبد العليم ، كمال أبو ريه، مجدى صبحى ، عادل أنور، عبد الله محمود ..." وغيرهم من نجوم ورموز زمن الفن الجميل الذين أثروا الحياه الفنيه بباقه من اجمل المسلسلات الدرامية التى ساهمت وبحق فى الارتقاء بالفكر والثقافه المجتمعيه..
ان الهدف الأسمى الذى ننشده من هذه السطور ان يهب نجوم ورموز الزمن الجميل لنجده الدراما المصريه التى تحتضر ويحتضر معها ملايين المصريين الذين انجرفوا قهرا إلى هذا التدنى دون إرادة منهم ، وعلى الدوله ان تهب لنجده ما تبقى من الذوق العام للمجتمع المصرى ان أرادت مجتمعا راقيا متحضرا خاليا من الجريمه والا فلن يجدى البكاء ...
التسميات :
مقالات عامه
إذن ماذا برأيك هو العمل يا دكتور ذكي .. وكيف لنا ان نحل تلك المعضلة في غياب الفن أمام أرباح اللافن .بالأجر الذي يهرع له عتاة الفن. بغض النظر عن موضوع أو هدف العمل وتأثيرة الواعي واللاواعي في عقل المتلقي .اظنها مشكلة ستظل عقودا من الزمن .اطلت عليكم ولكن انا في انتظار إخباري بحل لتلك المعضلة .شكرا لكم مقدمه د.حمدي الهواري
ReplyDelete